في جميع أنحاء النقب، في المناطق التي تم تعريفها على أنها “مناطق مفتوحة”، هناك 47 قرية بدوية غير معترف بها، وهي غير محمية بتغطية القبة الحديدية. وفي غياب المساحات المحمية أو الملاجئ، ترتفع نسب الضربات الصاروخية المباشرة، وتودي بحياة العديد من الضحايا. منذ اندلاع الحرب، قُتل 19 مدنياً من السكان البدو في النقب، من بينهم 6 أطفال. بالإضافة إلى ذلك، تم حتى الآن إحصاء حوالي 40 بدويًا مفقودًا أو مختطفًا. في شهادة شخصية مؤثرة نشرت على مدونتنا، فريد محاميد، خريج معهد وادي عربة ومساعد مدير مركز المعهد لإدارة المياه العابرة للحدود، يشاركنا التجارب الصعبة التي مر بها المواطنون البدو في القرى الغير معترف بها في الآونة الأخيرة .
في اليوم الأول من الحرب، أصاب صاروخ أطلق من غزة منزل عائلة إبراهيم القرعان، مدرّس في مدرسة عتيد الفرعة الشاملة. أسفر ذلك عن مقتل اثنين من ابناء إبراهيم واثنين من أبناء أخيه. ويعيش إبراهيم في قرية الباط، وهي قرية بدوية غير معترف بها بالقرب من سعوة، جنوب ميتار. زرت خيمة العزاء، واستمعت إلى شهادة إبراهيم الأليمة عن تلك اللحظات الصعبة:
“في الساعة 06:30 صباحًا، سقط صاروخ بالقرب من منزلنا، فاستيقظت العائلة بأكملها خائفة. لم يكن هناك أي إنذار أو تحذير. كنا خائفين من أن يتسبب الصاروخ في انفجار إضافي، لذلك هربنا من المكان”. “كان منزلنا في الشّق (المكان الذي يتم فيه استقبال الضيوف في الثقافة البدوية). واحتشدت العائلة بأكملها في الشّق. وبعد 20 دقيقة، سقط صاروخ ثانٍ وقتل أطفالي وأبناء إخوتي. وكنا مثل البط في ميدان الرماية.”
وحتى في المرة الثانية، لم يتم تفعيل أي إنذار، ولم يتم تفعيل القبة الحديدية، على الرغم من أن القرية تقع بالقرب من قاعدة نيفاتيم الجوية. لكن المأساة لم تنته هناك. بعد وقت قليل، سقط صاروخ آخر على الحدود بين ألباط وكفر كحلة، أودى بحياة امرأة عجوز وحفيدتها. وفي الضربة الثالثة، لم يتم تفعيل جهاز الإنذار ولا القبة الحديدية. وإن كان هناك ما هزني فهو قول إبراهيم: «على الأقل دفنت أطفالي، وأعلم أنهم ليسوا مختطفين أو مفقودين».
قصة أخرى، واللتي تصدرت عناوين الأخبار، هي قصة يوسف محسن، الذي يعيش في حي الزيادنة، وهو حي غير معترف به, ومعزول عن البنية التحتية في مدينة رهط. يوسف هو السائق البطل الذي أنقذ الناس من الذبح في حفلة ريعيم، بينما كان يخاطر بحياته. عندما اتصلت لأطمئن عليه قال لي: “أنا لا أبحث عن الاهتمام ولا أريده. إنها وصية الإسلام التي اتبعتها، وكإنسان، القيم الإنسانية لإنقاذ الأرواح هم الأكثر قدسية.” شكرت يوسف وأضفت أنه بفضل اشخاص أمثاله أرى الضوء في نهاية النفق. وفي نهاية حديثنا سألته: هل لديك مكان محمي أو ملجأ في المنزل أو في الحي؟ فأجابني: “كما تعلم، جاء العديد من السياسيين وممثلي الحكومة والصحفيين لزيارتي والتقاط الصور، لكن لم يسألني أحد هذا السؤال! والجواب هو لا، ليس لدي ملجأ خاص ولا ملجأ عام، لأنه لا توجد تراخيص بناء هنا.”
لقد انخرطت في الآونة الأخيرة في نضال عاجل ومهم، مع العديد من الشركاء الآخرين – يهودًا وعربًا – لإقناع صناع القرار بتوفير مساحات محمية للقرى غير المعترف بها وتفعيل القبة الحديدية لهم. إنني أدعو الحكومة إلى الاعتراف بهذه القرى، وتزويدها على الفور بالملاجئ.
—
فريد محاميد هو خريج معهد عربة ومساعد مدير مركز المعهد لإدارة المياه العابرة للحدود. وكجزء من منصبه، فهو يدير مشروع المركز التربوي للمجتمعات خارج-الشبكة في مدرسة عتيد الفرعة الشاملة، وهي مدرسة خارج-الشبكة في قرية غير معترف بها. على مدى العامين الماضيين، كان هناك تعاون مثمر بين معهد وادي عربة والمدرسة، والذي تم تصميمه لتوفير حلول بيئية لمعالجة مياه الصرف الصحي وبناء برنامج المرونة المناخية للطلاب والمجتمع. يدرس عادة 3000 طالب في منطقة الفرعة التعليمية، ومع ذلك، لا توجد مساحة محمية واحدة في المنطقة بأكملها.